التنشيط التربوي

10:37 م
قد يسلك الأستاذ في مهام التوعية والتثقيف المنوطة به مسلكا تواصليا في شكل محادثة ثنائية بينه وبين متعلم معين، تجمع بينهما الظروف شريطة أن تكون هذه المحادثة منطلقا للقاءات تعلمية مستمرة، كما يمكنه أن يسلك مسلكا تنشيطيا حينما يتعلق الأمر بضرورة لعب دور المنشط ضمن مجموعة بأكملها، مما يفرض عليه امتلاك آليات وتقنيات التنشيط وظيفيا.
1.     تحديد مفهوم التنشيط:

يفيد مفهوم "التنشيط" إضفاء الحيوية والنشاط على المجموعة لتوسيع مجال التواصل بين أعضائها. ويكون القصد من ذلك هو الرفع من فعاليتها ومردوديتها ككيان عضوي. وليتم ذلك بنجاح، لابد أن يكون التواصل أفقيا بين الأعضاء، وحتى تتاح لكل منهم الفرصة للتعبير عن أفكاره، وتشجيعه على تجاوز الصعوبات والعوائق التواصلية، بهدف تبادل الخبرات والمعارف والقيم بين أعضاء الجماعة.
2.     الأسس العامة للتنشيط:
يقوم التنشيط على مجموعة أسس سيكوسوسيوتربوية، منها:
1.           أن التعلم التثقف أفعال اجتماعية يكتسبها الفرد من الجماعة عن طريق التواصل والتفاعل بين الأفراد،
2.           أن التفاعل بين الأفراد له أبعاد سيكولوجية واجتماعية ومعرفية، مما يوفر للفرد إمكانية تنمية شخصيته بشكل متكامل،
3.           أن التنشيط تواصل اجتماعي يؤدي إلى تغيير سلوك الفرد عن طريق تنمية مواقف جديدة.
ولكي يؤدي التنشيط إلى التعلم والتثقف الاجتماعيين، على المنشط أن يكون ملما بأدواره ومهامه.



3.     أدوار المنشط:
يمكن تلخيصها في ثلاثة أدوار رئيسية:
‌أ)                             تمكين المتعلمين من المعرفة:
ويتمثل ذلك في إعدادهم لاكتساب مفاهيم ومعاريف ومهارات.
‌ب)                        خلق الرغبة والقبول لدى المتعلمين:
وذلك من اجل إدماجهم في سيرورة محددة وإيجاد حلول لإشكاليات معينة في الموضوع. ومن أمثلة ذلك فيالمناقشة بشكل جدي.
‌ج)                          تحريك المتعلمين للقيام بأعمال معينة:
ويتبلور ذلك في وضع استراتيجيات أو مناهج وخطط عمل لقضايا تمس المجموعة. 
هي مهام متعددة، منها:
‌أ)                   الاستقبال (accueil):
وضع الأمور في أماكنها:
§        التعرف على المشاركين،
§        تحديد الأهداف،
§        تحديد الادوار.
‌ب)              تقديم الموضوع (présentation du thème):
التأكد من أن الجميع فهم الموضوع. وهو كما سيأتي بيان ذلك لاحقا، وضعية مشكلة.
§        التحديد الدقيق للموضوع،
§        بناء الموضوع في صورة تجعله في مستوى المشاركين،
§        التناسب بين الموضوع ووقت الإنجاز.
‌ج)                العمل على الإثارة والدفع إلى العمل (motivation):
على كل مشارك أن يساهم. ولكي يتحقق هذا الهدف، فإن المنشط مدعو لخلق ظروف المشاركة، منها:
§        الاهتمام بحاجات ورغبات المشاركين (جعلهم يحسون أن الموضوع يشبع حاجاتهم وذلك بالعمل على ربطه باهتماماتهم).
§        إثارة تفكيرهم،
§        الديمقراطية (اعتبار جميع المشاركين متساوين)،
§        قبول كل الأفكار والعمل على تقويمها،
§        تشجيع التواصل الجماعي،
§        المساعدة على توضيح الأفكار التي تبدو غامضة.
‌د)                 بناء تصميم لمناقشة الموضوع (établir un plan):
§        تمكين المشاركين من التحليل الموضوعي،
§        تمكينهم من طرح كل المشكلات،
§        مساعداتهم على تحليل ومناقشة كل المواقف والأفكار المسبقة،
§        تمكينهم من اتخاذ القرار المناسب.
‌ه)                 معرفة تدبير حصة التنشيط (Savoir animer):
§        الإنصات،
§        إعادة التذكير بالموضوع كلما دعت الضرورة،
§        التقيد بالموضوع وعدم الخروج عنه،
§        معالجة المشاكل غير المتوقعة أو تأجيل ذلك إلى وقت مناسب،
§        الموضوعية،
§        الضبط،
§        الحذر واليقظة،
§        الحسم واتخاذ القرارات،
§        منع وتوقيف التدخلات الهدامة،
§        إسكات المهدار (الثرثار) دون التأثير على سير العمل،
§        تحريك غير الراغبين في الكلام،
§        منع تكوين جماعات ضيقة داخل المجموعة (انقسام المجموعة)،
§        تلخيص المداخلات وإعادة صياغتها وتبويبها.

5.     تقنيات التنشيط (les techniques d'animation):
يرتكز التنشيط على مجموعة من التقنيات. ويقصد بها مجموعة الإجراءات والآليات الموظفة لتنشيط الجماعة. وهي تقنيات متعددة يختار منها الأستاذ ما يتناسب مع الموضوع:
‌أ)                    الزوبعة الذهنية أو العصف الذهني (Le Brainstorming):  
تقوم تقنية الزوبعة الذهنية على إشراك المتكونين في المناقشة بهدف إنتاج واقتراح أفكار بشكل جماعي، أو لإيجاد حلول لموقف أو وضعية – مشكلة              (situation-problème). وتستند هذه التقنية إلى جملة من الشروط أو المبادئ منها:
1.     عرض المنشط المشكلة أمام المجموعة وتوضيحها وتحديد عناصرها،
2.     إدلاء كل مشارك بآرائه واقتراحاته دون حكم أو نقد للآخرين،
3.     عدم نقد أفكار المشاركين وتأجيل ذلك حتى يتم الاستماع لكل المساهمات،
4.     عدم إيقاف وحصر الطاقة التعبيرية للمتدخلين،
5.     العمل على إغناء النقاش: كثرة وغزارة في الأفكار والاقتراحات،
6.     جمع الأفكار والتخلات وتدوينها،
7.     تحليل الأفكار والاقتراحات في النهاية للخروج باستنتاج عام.
‌ب)               حل المشكلات (La résolution des problèmes):
هي تقنية تنشيط يوزع خلالها المشاركون إلى مجموعات صغرى (3 أو 4 أفراد) من اجل مناقشة مشكلة معينة أو البحث عن حل لهذه المشكلة يتم عرضه عليهم. وتتحدد أدوار المنشط والمشاركين بالنسبة لهذه التقنية عبر ثلاث مراحل:

          المراحل
 الأدوار
قبل الإنجاز
أثناء الإنجاز
بعد الإنجاز
بالنسبة
للمنشط
إعداد دقيق للمشلكة
- تقديم النشاط وشكليات العمل.
- تدبير الوقت وضبطه.
- تقويم الحلول المقترحة للمشكل.
- تسجيل وتدوين الحلول للخروج بملف حول الموضوع.
بالنسبة
 للمشاركين
المساهمة في
 الإعداد
- تنظيم التقارير بشكل يسمح بتحليلها والمقارنة بينها.
- التراضي حول الحل الأكثر واقعية.
مناقشة وتقويم الحلول المقترحة بموضوعية.

‌ج)                 المناقشة على مراحل (Discussion en étapes):
هي تقنية تنشيط تتيح الاحاطة بجوانب موضوع معين عبر مراحل، حيث يتم إنتاج مجموعة من المساهمات عن طريق توزيع المشاركين إلى مجموعات للعمل لمدة محددة. وبعد ذلك يتم الموازنة بين مختلف الانتاجات لاستنتاج خلاصات نهائية تنال موافقة الأغلبية.  
‌د)                  دراسة الحالة (L'étude des cas):
يواجه المشاركون مشكلا أو حالة لمظاهر ملموسة، فيعلمون على تحليلها تحليلا دقيقا، واختار أنسب الحلول لمعالجتها. وتتحدد ادوار كل من المنشط والمشاركين كالتالي:

        المراحل
 الأدوار
قبل الإنجاز
أثناء الإنجاز
بعد الإنجاز
بالنسبة
للمنشط
إعداد  حالة تفضي إلى اتخاذ قرارات
- تنظيم التدخلات.
- توجيه المشاركين إلى جوهر الموضوع حين خروجهم عنه.
- تجميع المساهمات.
- تقويم العمل.
- تقديم الحلول والاقتراحات الملائمة.
- تبرير القرارات.
بالنسبة
 للمشاركين
- قراءة النص الحامل للحالة.
- تحليله وفهمه.
- تقديم الحلول والمساهمات.
- تغيير الآراء الشخصية حين الاقتناع برأي الآخرين أثناء المواجهة.
قبول الحلول المتفق عليها.

‌ه)                  تقنية لعب الدور (Le jeu de rôles):
هي تقنية تنشيط تقوم على تخيل واستحضار مجتمع الظاهرة موضوع الدراسة واستعابه ثم تمثيله وتشخيصه. ولذلك فهي تتيح للأشخاص تقمص الأدوار والتكيف معها. ومثال ذلك لعب المكون لدور الأستاذ (سائق حافلة أو مدير مؤسسة. ويمكن تحديد أدوار المنشط والمشاركين كالتالي:

      المراحل
 الأدوار
قبل الإنجاز
أثناء الإنجاز
بعد الإنجاز
بالنسبة
للمنشط
تقديم وضعية ملموسة من الواقع المعيش لإبراز التمثلات والمواقف والقيم المراد التعبير عنها.
- اختيار الممثلين والأدوار.
- تصميم للعب الأدوار.
- تقديم شكليات اللعب.
- إعطاء انطلاقة اللعب.
- تدبير الوقت.
- مطالبة كل ممثل أن يوضح ما يريد التعبير عنه من خلال تقميص الدور.
- المطالبة من المشاهدين تحديد المشاهد التي أثارت انتباههم.
- تركيب الآراء المعبر عنها.
- أعطاء خلاصة نهائية مطابقة للأهداف المحددة في البداية.
بالنسبة
 للمشاركين
التطور للعب الأدوار
- لعب الدور بتفاعل مع الممثلين الآخرين ومتطلبات الموقف.
- الحرص على التعبير عن المواقف والعواطف والآراء.
قبول الحلول المقترح عليها. .